
عندما تم تنصيب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2017، لم يكن الحدث مجرد انتقال سياسي اعتيادي، بل كان نقطة تحول فارقة في مسار الاقتصاد العالمي. ترامب جاء ببرنامج انتخابي غير تقليدي، قائم على سياسات الحماية التجارية، وإعادة التفاوض حول الاتفاقيات الدولية، وضخ استثمارات ضخمة في الاقتصاد الأمريكي.
بالنسبة لأسواق المال، كان هذا التحول يعني مزيدًا من التقلبات، فرصًا كبيرة، وأيضًا مخاطر غير مسبوقة.
الكثير من المستثمرين والمتداولين تساءلوا: كيف ستتأثر أسعار الذهب؟ ماذا سيحدث للفوركس؟ وهل الأسهم الأمريكية ستستفيد أم ستنهار؟
منذ أول يوم في منصبه، أطلق ترامب رسائل قوية للأسواق. يمكن تلخيص أبرز سياساته الاقتصادية فيما يلي:
ترامب أقر واحدة من أكبر خطط خفض الضرائب في تاريخ أمريكا، خصوصًا للشركات الكبرى. هذا القرار رفع من ثقة المستثمرين وأدى إلى انتعاش ملحوظ في مؤشرات الأسهم الأمريكية مثل داو جونز وناسداك.
تبنى ترامب سياسة "أمريكا أولاً"، وفرض تعريفات جمركية على واردات الحديد والألومنيوم والمنتجات الصينية. هذا القرار أثار موجة من الحروب التجارية التي أثرت بشكل مباشر على أسعار العملات والسلع.
وعد ترامب بضخ تريليونات في مشاريع البنية التحتية، مما عزز التوقعات بارتفاع معدلات التضخم والفائدة، وبالتالي قوة الدولار على المدى القصير.
الدولار الأمريكي هو المحور الأساسي في أسواق المال العالمية، وسياسات ترامب كان لها أثر مباشر عليه.
رغم أن ترامب ضغط على الفيدرالي لخفض الفائدة، إلا أن توقعات التضخم الناتجة عن سياساته رفعت الدولار أحيانًا وأضعفته أحيانًا أخرى.
هذا خلق بيئة عالية التقلبات في سوق الفوركس.
دخل ترامب في صدام متكرر مع الاحتياطي الفيدرالي، معتبرًا أن رفع أسعار الفائدة يضر بالنمو الاقتصادي. هذه التصريحات المتكررة كانت تدفع المتداولين لإعادة تسعير مراكزهم بسرعة.
لطالما كان الذهب هو الملاذ الآمن في أوقات التوتر. ومع سياسات ترامب المثيرة للجدل:
ارتفع الذهب بقوة مع بداية الحروب التجارية مع الصين.
لكنه تراجع عندما كان الدولار قويًا بفضل سياسات الضرائب والتحفيز.
النتيجة: الذهب كان مرآة للتوترات الجيوسياسية والاقتصادية خلال حقبة ترامب.
لم تسلم أسواق العملات من تصريحات ترامب، التي غالبًا كانت عبر تغريدات تويتر.
اليورو: تأثر بسياسات ترامب تجاه الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، حيث كان يشكك في قوة الشراكات الاقتصادية.
الين الياباني: استمر كعملة ملاذ آمن، يرتفع مع كل أزمة تجارية أو سياسية.
اليوان الصيني: دخل في دائرة الحرب التجارية، حيث تراجعت قيمته أحيانًا بفعل التعريفات الجمركية.
شهدت الأسهم الأمريكية صعودًا قياسيًا في عهد ترامب، بفضل:
خفض الضرائب.
أرباح الشركات القياسية.
توقعات التحفيز الاقتصادي.
على الجانب الآخر، الأسواق الناشئة مثل تركيا والأرجنتين تأثرت سلبًا من قوة الدولار وهروب رؤوس الأموال إلى أمريكا.
كانت الحرب التجارية هي الحدث الأبرز، حيث فرض ترامب تعريفات ضخمة على السلع الصينية، وردت الصين بالمثل. هذا أدى إلى:
تقلب أسعار الأسهم.
ارتفاع الذهب.
هبوط اليوان الصيني.
فرض ترامب عقوبات على إيران وروسيا، مما أثر على أسعار النفط والعملات المرتبطة بالطاقة.
من تجربة ترامب في الأسواق يمكن استخلاص بعض الدروس:
إدارة المخاطر: لا يمكن التنبؤ بتأثير تصريحات الرئيس، لذا يجب وضع وقف خسارة.
التنويع: توزيع المحفظة بين الذهب، الأسهم، والفوركس يقلل من المخاطر.
عدم الاعتماد فقط على الأخبار: الأسواق قد تسعّر الأخبار قبل حدوثها.
حقبة ترامب أظهرت أن القرارات السياسية قد تكون مؤثرة بنفس قوة المؤشرات الاقتصادية.
للمستثمرين والمتداولين، كانت تلك السنوات مليئة بالفرص لمن يعرف كيف يقرأ الأحداث، وبالخسائر لمن يتعامل بالعاطفة.
إذن، أهم قاعدة تعلمناها: التقلبات هي البيئة المثالية للمتداول الذكي، ولكنها فخ للمتداول العاطفي.